/ الْفَائِدَةُ : (18) /
21/03/2025
بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / معنى: (الهويَّة) و(الماهيَّة) في اِستعمالات أَبواب المعارف / إِنَّ لفظ وعنوان: (الهوية) الوارد في بيانات الوحي والاِصطلاح العقلي يُطلق ويراد به: تارة: الحقيقة الممكنة؛ أَي: الموجود الَّذي لا يتَّصف بضرورة الوجود ولا بضرورة العدم. وَأُخرىٰ: الحقيقة والإِنِّيَّة والوجود والتَّحقُّق. وإِلى الأَوَّل أَشار بيان أَمير المؤمنين صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، فإِنَّه صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ سُئِلَ عن العَالَم العلوي فأَجاب: أَنَّه: «صور عارية عن المواد، عالية عن القوَّة والإِستعداد، تجلَّىٰ لها فأَشرقت، وطالعها فتلألأت، واُلقي في هويِّتها مثاله فأَظهر عنها أَفعاله ...»(1). وإِلى الثَّاني أَشار بيان الإِمام الباقر صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : «... ومن زعم أَنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ خلق الأَشياء من شيءٍ فقد كفر؛ لأَنَّه لو كان ذلك الشيء الَّذي خلق منه الأَشياء قديماً معه في أَزليَّته وهويَّته كان ذلك أَزليّاً ...»(2). وعلىٰ هذا قس: لفظ وعنوان: (الماهيَّة) الوارد في بيانات الوحي والِاصطلاح العقلي، فإِنَّه يُطلق ويُراد به: تارة: الذَّات المُمكنة والمُركَّبة مِنْ جنس وفصل. وهذا مفهوم ذهنيّ، معناه: حدود الموجود والحقيقة(3)، وعدم اِتِّصافه بضرورة الوجود ولا بضرورة العدم. وَأُخرىٰ: إِنِّيَّة الشيء(4) ووجوده وتحقُّقه، أَي: نفس التَّشَخُّص والوجود والحقيقة. وإِلى هذا أَشار بيان الزِّيارة الشَّريفة: «... لَا إِلٰهَ إِلَّا الله الحليم الكريم ... إِقراراً لربوبيَّته ... لا تقف العقول علىٰ كُنْه عظمته، ولا تدرك الأَوهام حقيقة ماهيَّته ...»(5). ودلالته واضحة. إِنَّ قلتَ: إِنَّه علىٰ هذا لا فارق بين عنوانين (الهويَّة) وعنوانين (الماهيَّة). قلتُ: نعم، لكنَّ الفارق يظهر في غلبة الِاستعمال؛ فإِنَّ لفظ وعنوان: (الهويَّة)، يُطلق غالباً ويُراد منه المعنىٰ الثاني، بخلاف لفظ وعنوان: (الماهيَّة)؛ فإِنَّه يُطلق غالباً ويُراد منه المعنىٰ الأَوَّل. وصلى الله على محمد واله الاطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار، 40: 165. (2) المصدر نفسه، 5: 230/ح6. علل الشرائع: 201ـ 203. (3) الحقيقة لَـمَّا كانت أَعَمّ من الموجود كان هذا العطف من باب عطف العام علىٰ الخاصّ. (4) ينبغي الِالتفات: أَنَّ عنوان: (الشيء) يُطلق علىٰ معنيين: أَحدهما: الحقيقة المُتعلِّقة بها المشيئة الإِلٰهيَّة، وَمِنْ ثَمَّ سُمِّي المخلوق شيء لأَجل هذه النُّكْتَه. ثانيهما: مُطلق الحقيقة والواقعيَّة. وهذا المعنىٰ ـ الثَّاني ـ يصحُّ إِطلاقه علىٰ الذَّات الإِلٰهيَّة الأَزليَّة المُقدَّسة، خلافاً للمعنىٰ الأَوَّل. والمعنىٰ الثَّاني هو المراد في المقام ، فالتفت . (5) بحار الأَنوار، 10: 325